
منذ 3 أشهر
حيدر الاداني
لطالما اعتمد الأيزيديون على النقل الشفهي في حفظ تاريخهم ونصوصهم الدينية، مما أدى إلى ظهور فجوات كبيرة في توثيق هذا الإرث العريق.
كان "علم الصدر" وسيلة فعالة لحماية الموروث من الضياع والتحريف، لكنه في الوقت ذاته سمح لبعض الكُتّاب والرحالة بإعادة تفسير النصوص وفق أهوائهم أو ترجمتها بأسلوب يخدم توجهاتهم الخاصة، ما أوقع التراث الأيزيدي في دائرة التأويلات الشخصية.
إن الاعتماد الحصري على التلقين الشفهي بين رجال الدين قد يؤدي أحيانًا إلى فقدان تفاصيل مهمة أو حدوث سوء فهم، مما يساهم في تباين نقل المعلومات بين الأجيال.
هذا التفاوت لا يؤثر فقط على دقة الرواية التاريخية، بل قد يؤدي أيضًا إلى ضياع بعض الجوانب الحيوية من التراث الأيزيدي، مسببًا اختلافات في الفهم والتصورات عبر الزمن.
لذلك، بات من الضروري توثيق التاريخ والثقافة الأيزيدية وفق منهجية دقيقة تعتمد على أسس علمية، بعيدًا عن التفسيرات الفردية أو الاجتهادات غير الموثوقة. ومع ذلك، لا يعني هذا التدخل في الفلسفة الدينية أو مضمون النصوص، بل يكمن الهدف في الحفاظ على أصالتها ونقلها إلى الأجيال القادمة كما هي، دون تشويه أو تحريف.
إن مسؤولية هذا التوثيق تقع على عاتق الشباب الأيزيدي، الذين يمتلكون القدرة على توظيف الأدوات الحديثة في التوثيق والنشر. من خلال جهود مدروسة ومنظمة، يمكن الحفاظ على هذا الإرث العريق، وصونه من الاندثار، وضمان بقائه مصدرًا معرفيًا موثوقًا للأجيال القادمة.