ألف شتلة عنب.. دلكش يتحدى الجفاف و يزرع أملا بجانب مبادرته في جبل سنجار



تقارير | 4.0K
منذ شهرين

جيا بريس - عاصم سعيد

 

في مواجهة آثار الجفاف والتصحر التي تضرب جبل سنجار العراقي، يقود الشاب الإيزيدي دلكش كاباري مبادرة فردية طموحة لإعادة الحياة إلى المنطقة عبر زراعة ألف شتلة عنب، في خطوة تهدف لمكافحة تدهور البيئة المحلية ودعم المزارعين.

 

انخفاض إنتاج الأشجار المثمرة بنسبة 90%

 

يعد جبل سنجار، ذو القيمة الطبيعية والتاريخية الكبيرة، أحد أبرز معالم محافظة نينوى والعراق، لكنه يعاني منذ سنوات، وتحديداً منذ موجة الجفاف القاسية التي بدأت عام 2020، من تدهور بيئي حاد. أدى هذا الجفاف إلى انخفاض إنتاج الأشجار المثمرة بنسبة كارثية بلغت 90%، وجفاف العديد من الآبار، مما فاقم معاناة المزارعين المحليين الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق رئيسي، والذين لم يتعافوا بعد من آثار الإبادة التي تعرضوا لها عام 2014 على يد تنظيم داعش.

 

وسط هذه الظروف الصعبة، برز دلكش كاباري، وهو مزارع شاب من قرية كابارا التابعة لناحية القحطانية/ تل عزير جنوب جبل سنجار، بمبادرته لزراعة 1000 شتلة عنب، معتمداً على جهوده الذاتية في توفير الموارد وتحديد أفضل الأساليب الزراعية المناسبة لطبيعة الجبل.

 

يروي دلكش عبيد حسن، قصته لجيا بريس معبراً عن تجربته الشخصية ودوافعه: "منذ عام 2014 وحتى الآن، أعمل في الزراعة. بعد الإبادة التي حلت بنا، شهدنا القتل والخطف والدمار، حتى الزراعة لم تعد كما كانت في سنجار. ومع ذلك، في المكان الذي أقيم فيه حاليًا، وجدت أن الأرض مناسبة للزراعة، فقررت أن أزرع 1000 شجرة عنب من أفضل الأنواع، مثل كمالي، حلواني، زارك، وهتد."

 

رمان حلبجة، عقرة و حتى تركيا في سنجار

 

ويُعتبر اختيار زراعة العنب خطوة مدروسة، نظراً لقدرة هذا النبات على مقاومة الجفاف نسبياً مقارنة بمحاصيل أخرى، وإمكانية توفير مصدر دخل مستدام للمزارعين، فضلاً عن دوره في إعادة إحياء الغطاء النباتي وتحسين التربة ومكافحة التصحر. وتهدف المبادرة أيضاً إلى تعزيز ثقافة الزراعة وتشجيع الشباب على الاهتمام بالبيئة والزراعة المستدامة في منطقة عانت الكثير.

 

لم يتوقف طموح دلكش عند العنب، إذ يكشف عن خطط أوسع قائلاً: "بل بدأت بمبادرة أخرى لزراعة أشجار الرمان من أجود الأصناف، مثل رمان حلبجة، عقرة، وتركيا. هدفي من هذه المبادرات هو إعادة الحياة إلى الطبيعة في المنطقة، وخلق بيئة نظيفة، والمساهمة في تقليل التصحر."

 

نموذج يحتذى به في مناطق أخرى

 

ورغم عزيمة كاباري، يواجه مشروعه تحديات جمة، أبرزها نقص الموارد المائية الضرورية لري الشتلات في ظل الجفاف المستمر، والحاجة إلى تمويل لتأمين الأدوات الزراعية ومتطلبات الرعاية الأولية، فضلاً عن غياب الدعم الحكومي أو المجتمعي الواسع، ومخاطر التغيرات المناخية التي قد تؤثر على نمو الأشجار. يؤكد دلكش هذه الصعوبات قائلاً: "لا شك أنني واجهت العديد من الصعوبات، بدءًا من قلة توفر المياه، إلى نقص الدعم المادي واللوجستي، لكن حبي لجبل سنجار جعلني أواصل هذا الطريق دون توقف."

 

تمثل مبادرة دلكش كاباري بارقة أمل ونقطة تحول محتملة في جهود مكافحة التصحر في سنجار. يمكن لنجاح هذا المشروع الفردي أن يكون نموذجاً يُحتذى به في مناطق أخرى تعاني من الجفاف والتدهور البيئي، وأن يفتح الباب أمام المزيد من المبادرات الزراعية والبيئية لاستعادة الحياة الطبيعية في المناطق المتضررة، وإعادة بعض مما فقدته سنجار.

 

ازرعوا الأشجار!

 

ويوجه دلكش رسالة مباشرة ومُلهمة إلى أهالي سنجار كافة: "ازرعوا الأشجار! فلكل شخص شجرة، ستزداد المساحات الخضراء في المنطقة، وإن لم تتمكنوا من توفير الأشجار، فأنا مستعد لإرسالها لكم".