
منذ شهرين
جيا بريس - عاصم سعيد
خوف وقلق يخيمان على الجالية الإيزيدية في ألمانيا بعد الكشف عن اتفاقية سرية بين برلين وبغداد لتسهيل ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، بمن فيهم الإيزيديون الذين فروا من الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش.
فما هي تفاصيل هذا الاتفاق؟ وما هي المخاطر التي تواجه الإيزيديين المرحَّلين؟
اتفاقية ترحيل سرية تثير الجدل
في مطلع عام 2024، كشف تحقيق استقصائي أجرته الإذاعات الألمانية العامة NDR وWDR وصحيفة Süddeutsche Zeitung عن اتفاقية سرية بين الحكومتين الألمانية والعراقية تهدف إلى ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى العراق. أثارت هذه الاتفاقية موجة من الانتقادات بسبب المخاوف من تأثيرها على الفئات الهشة، وعلى رأسها الإيزيديون الذين يواجهون تهديدات مستمرة في العراق.
ترحيل جماعي وقلق متزايد
في فبراير الماضي، نفذت السلطات الألمانية عملية ترحيل جماعي شملت 47 شخصًا، من بينهم عدد من الإيزيديين، إلى العراق. انطلقت الرحلة من مطار هانوفر، مما أثار غضب منظمات حقوق الإنسان التي حذرت من المخاطر التي قد يتعرض لها المرحَّلون.
وزيرة شؤون اللجوء والاندماج في ولاية شمال الراين-ويستفاليا، يوزفينه باول، طالبت الحكومة الألمانية الاتحادية بوقف عمليات ترحيل النساء والأطفال الإيزيديين بشكل فوري ودائم. وأكدت أن الحكومة الاتحادية وحدها هي التي يمكنها اتخاذ قرار بوقف الترحيل وتوفير حماية قانونية للمتضررين.
ردود فعل دولية قلقة
أعربت منظمات حقوقية عن قلقها بشأن سرعة تنفيذ عمليات الترحيل، مما منع اللاجئين من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للطعن عليها. وأشارت إلى أن هذه العمليات قد تنتهك حقوقهم الأساسية.
منظمة العفو الدولية حذرت من أن الوضع الأمني في العراق لا يزال غير مستقر، وأن ترحيل الإيزيديين قد يعرضهم للعنف والتمييز.
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكدت أن الإيزيديين يواجهون تحديات كبيرة، بما في ذلك النزوح المستمر والصعوبات المعيشية في المخيمات.
وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية سفينيا شولز ومفوض الحكومة الاتحادية للحريات الدينية فرانك شوابي: أكدا أن طريق السلام والأمن لا يزال طويلاً بالنسبة للإيزيديين في العراق، مشيرين إلى استمرار معاناتهم من آثار الإبادة الجماعية.
احتجاجات بلا نتائج
عقب عمليات الترحيل الأخيرة، نظّم الإيزيديون في ألمانيا مظاهرات احتجاجية للتعبير عن قلقهم بشأن مصير المرحَّلين. طالب المتظاهرون بوقف عمليات الترحيل وتوفير حماية قانونية للإيزيديين في ألمانيا.
أكدت الحكومة الألمانية أنها تأخذ مطالب الإيزيديين بعين الاعتبار، لكنها أشارت إلى أن الاتفاقية تهدف إلى تنظيم عمليات الترحيل بشكل قانوني. ومع ذلك، لم تصدر الحكومة أي قرارات رسمية بوقف الترحيل حتى الآن.
خطر الترحيل
يواجه الإيزيديون المرحلون إلى العراق تهديدات أمنية متزايدة، وتدهورًا في الأوضاع الاقتصادية، وصعوبات في الاندماج الاجتماعي، بالإضافة إلى التأثيرات النفسية المدمرة الناتجة عن الترحيل القسري وتجدد صدمات الإبادة الجماعية.
"العودة إلى العراق تعني الموت"
"مرادف الموت أن تكون إيزيديًا في العراق"، هذا ما قاله فرحان حلو، ناشط إيزيدي، واصفًا التهديدات اليومية التي يواجهها الإيزيديون في العراق.
وأشار إلى أن تقارير حقوقية وثقت 3750 خطاب كراهية وتحريضًا على العنف ضد الإيزيديين خلال ذكرى الإبادة، مؤكدًا أن هذه البيئة تجعل العودة غير آمنة إطلاقًا.
شهاب سموقي، لاجئ إيزيدي في ألمانيا، يخشى على حياته إذا عاد إلى العراق.
ويقول إن الترحيل القسري يعني فقدان كل ما بنته عائلته في المنفى.
جراح الإبادة لا تزال مفتوحة
ناجية إيزيدية فضلت عدم الكشف عن اسمها، تحدثت عن صدماتها المستمرة بعد فقدان أسرتها خلال الإبادة الجماعية.
مشيرة إلى أن العودة للعراق تمثل إعادة فتح للجروح العميقة.
تباين في وجهات النظر السياسية
أثارت الاتفاقية ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والاجتماعية في ألمانيا. بعض الأحزاب تسعى إلى تحميل اللاجئين جزءًا من الأزمة السياسية والاقتصادية، مما أدى إلى زيادة قرارات الترحيل. وفي المقابل، هناك دعوات لتعزيز حقوق الإنسان وحماية الأقليات من الترحيل القسري.
ويطالب الإيزيديون في ألمانيا بوقف فوري لعمليات الترحيل، وتوفير حماية قانونية دائمة تضمن سلامتهم، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي الضروري للناجين من الإبادة الجماعية. كما يدعون إلى تسهيل لم الشمل العائلي وتعزيز فرصهم الاقتصادية والتعليمية لبناء مستقبل مستدام في ألمانيا.