الإيزيديون.. بين البحث عن الاعتراف وضرورة الثقة بالذات



مقالات | 2.5K
منذ 4 أشهر

سفيان سلو

 

هل تحب الإيزيديين؟ هل تحترم الإيزيديين؟ ما رأيك بالإيزيديين؟ هل تعرف الإيزيديين؟

 

في الفترة الأخيرة، وأثناء تصفحي لتطبيق تيك توك أو فيسبوك، كثيرًا ما أرى فيديوهات مسجلة من البثوث المباشرة للمشاهير العراقيين، سواء كانوا من الفاشنستات أو الفنانين أو حتى من يقدمون محتوى هابطًا! تنهار بثوثهم بمئات التعليقات من شباب إيزيديين يسألونهم نفس الأسئلة المذكورة أعلاه! يصل الأمر بهم إلى نسخ التعليق ولصقه أكثر من مئة مرة في غضون ثوانٍ! ليحصلوا في النهاية على بضع كلمات رنانة سطحية لا تقدم ولا تؤخر، يذكر فيها اسم الإيزيديين مثل: “ما عندي فرق”، “أي، أحترمهم، ليش لا”، “تحياتي لهم، إخواننا… شاركوا البث حبايبي!”

 

أعتقد أن الركض والسعي المستمر من شبابنا وفتياتنا وراء هؤلاء للحصول على بعض الكلمات حول محبتهم أو احترامهم لنا ليس نافعًا، بل أراه نوعًا من الاستجداء الرخيص الذي يعود علينا سلبيًا أكثر من إيجابيًا. وخاصة أن الردود تكون سطحية، مجرد كلمات بسيطة رنانة يذكر فيها اسم الإيزيديين دون مضمون أو مبادرة أو تصحيح النظرة الخاطئة التي أخذت عنا لمئات السنين وما زالت قائمة بنسبة كبيرة.

 

علينا أن نكون متصالحين مع أنفسنا، واثقين من قيمنا وهويتنا الدينية، ونفتخر بما نحن عليه دون أن ننتظر تأييدًا أو مباركة من شخص كل إنجازه في الحياة هو ما يحققه من مشاهدات. ليس من الضروري أن يحبنا الجميع أو يحترمنا، وهذا أمر طبيعي في المجتمعات والدول المتعددة الأعراق والطوائف والقوميات. ومع ذلك، من المهم أن نجد من يقدر إنسانيتنا وسلميتنا ويتعامل معنا على أساس قيم التعايش والاحترام المتبادل. لا يمكننا إجبار الآخرين على محبتنا أو احترامنا، لكن يمكننا أن نعيش بكرامة وإنسانية تجعلنا مصدر إلهام لمن يقدر هذه القيم حقًا.

 

أما من لا يحبنا أو يرفض وجودنا، فإن أفعالهم تتحدث بصوت أعلى من كلماتهم. هؤلاء غالبًا ما يكشفون عن نواياهم عندما تسنح لهم الفرصة، كما شهدنا مرارًا في التاريخ. بل إن البعض يحاول جاهدًا إنكار ما تعرض له الإيزيديون في الثالث من أغسطس، ويذهبون إلى حد إنكار وجودنا كمكون أساسي في العراق. تراهم يتضامنون مع قضايا تمتد من شرق آسيا إلى غرب أوروبا، لكنهم يغضون الطرف عن قضية الإيزيديين، شركائهم في الوطن والمواطنين من الدرجة العاشرة.

 

لذلك، بدلًا من الاستجداء وراء كلمات سطحية عن الإيزيديين، علينا أن نركز على أنفسنا، ونعمل على بناء مجتمع قوي يعرف حقوقه ويحترم واجباته. لا نحتاج إلى كلمات من فنان أو تيكتوكر حتى يُحترم وجودنا. في النهاية، الاحترام والمحبة يجب أن يكونا نابعين من القلوب الصادقة والنوايا الحقيقية، وليس من مجاملات أو ردود سطحية في بثوث تيك توك تهدف فقط إلى كسب المشاهدات والدعم.